بشرى العوام ، أنت يا رمضان *** هتفت بك الأرجاء والأكوان
والشعر والأفكار ، وهي عتية *** ينتابها لجلالك الإذعان
لك في السماء كواكب وضاءة *** ولك النفوس المؤمنات مكان
الشرق ، يرقب في هلاك طالعاً *** يعنو لديه ، الكفر والطغيان
وبك استهام فؤاد كل موحد *** يسمو به الإخلاص والإيمان
سعدت بلقياك الحياة ، وأشرقت *** والنهل منك ، جمالها الفتان
وتعلمت عنك الحصانة والحجى *** فانجاب عنها ، الهم والخلذلان
وتذكرت فيك العروبة ، مجدها *** هل مجدها ، إلا الذمار يصان
يا باعث الآمال ، تخفق ثرة *** بالخير ، ليس يشوبها بهتان
ومحرر الأخلاق ، من قيد الهوى *** إن عمها من زيغه طوفان
بشراك ، تفتر الثغور ، لوقعها *** جذلا ، ويخفق خاطر وجنان
والبشريات صدى النعيم المرتجى *** نصت به الآيات والأيان
ما إن تمرد عن نظامك معشر *** إلا وحق عليهم الخسران
العبرية فيك ، جلجل صوتها *** لما تنزل بالهدى القرآن
الدين عنها والحياة ، تفرداً *** مجداً ، وفاض بنورها الوجدان
وتهلل الحق الصراح بنفحة *** علوية ، فيها هدى وبيان
يا مشعلا قبس الحقيقة ، بعد أن *** أعيت عن استقصائها ، الأذهان
ومبدداً حلك الضلالة ، حينما *** عم الدنا ، من زيفها فيضان
كانت كما زعم الغواة ( حضارة ) ***يختال فيها الفرس والرومان
ذلت وذل على المدى عبادها *** في الغابرين ، وشاة منها الشان
ولقد طلعت بشمسها ، مدنية *** مجداً ، يسير بذكره الركبان
أشرق بنورك في الربوع ، وكان لها ***أملاً ، يزول بلحمة العدوان
واذكر ( فلسطين ) الذبيحة ، أرضها *** مجلى الردى ، وسماؤها نيران
فجر اليهود بها ، وزاد فجورهم *** مستعمر ، بعهوده خوان
دارت عليها الدائرات فأصبحت *** يناسب فيها ، البؤس والأحزان
شيخ تخضب بالدماء ، ومصلح *** ينفى وحام لذمار يهان
وفتى يعذب في السجون ، وغادة *** تسبي ، طفل دمعه هتان
تلك الحضارة تنجلي أسرارها *** عنهم ، فلا كانت ولا هم كانوا
تدمي العيون لها ، ويرتاع الهنى *** من هولها ، وتصدع الآذان